دليل الخريجين Daleel Al-Khrijeen | رباب حجازي

رباب حجازي

رباب حجازي

بعد دراسة علم الاجتماع والأنثروبولوجيا مع الفن الإبداعي، وجدت أن الطريقة الأكثر فعالية لإيصال رسالة معينة هي من خلال الفن. في مجال الأعمال الفنية، أحاول تقديم قصتي، عن عائلتي، طردهم من عين حوض، هذه القصة تشبه ملايين القصص، لكن ما يميزها هو الحب الذي ولد بين جدي وجدتي. يعبر عن هذا من خلال فن الصوت والفيديو. هذا العمل يعرض قصّة حبٍّ نشأت بين جدّتي وجدّي، وكذلك قصّة تعلّق جدّي العميق بأرضه. قصة حب وتعلّق جدي بأرضه هي كقصة كل فلاح فلسطيني ولكن ما يمييز العمل هو لقاءه بجدتي. جدِّي فوزي، من مواليد قرية عين حوض المُطلّة على خليج حيفا من قبل أن تتهوَّد عام ١٩٤٨. فحينها بلغ جدّي من العمر ١٢ ربيعًا قبل أن يُهجَّر من القرية الّتي نشأ فيها. وبعد مرور ١٠ سنوات من تلك السّنة نشأت قصّة عائلة جديدة، حينما عُقدت مشاعر المحبّة بين جدّتي جهاد وجدّي وتزوجّا وأنجبا بِكرِهما فؤاد. وفي السّنة ذاتها وبعد مرور أشهر معدودة على ولادة الإبن الأوّل عام ١٩٥٨, عادَت العائلة إلى قريتهم الصّغيرة في عين حوض بعد أن وُعدوا بالعودة إليها والاستقرار. لكنّ ذلك الوعد لم يتحقّق ففي كلّ مرّة عادوا فيها إلى ذاتِ البيت هُجّروا من جديد، إلى أن أتى اليوم الّذي هدّد فيه الضّابط الكبير في الجيش الإسرائيليّ جدّي -عقولة ستّي- بقتله إن تحرّك من مكانه وذكرت أيضًا جملة ردّدها الضّابط لجدّي وقتها حين اختلفا "فوزي إذا انت عصبي أنا عصبي أكثر منّك". بعد نهاية حُكم العسكر في بلادنا والّذي استمرّ لسنوات عديدة (قُرابة ال١٩ خريفًا) إستطاع جدّي بأن يعود إلى الأرضِ الّتي نَبتَ فيها كعاملًا فيها وليس كمالكًا أصليًّا لها. وبالطّبع ذلك كلّه بعد أن سمح له الاستعمار الاستيطانيّ بحراثتها وزراعتها والعناية بها كما اعتاد في صِغَرِه. ولأنّ قلب جدّي كان متعلّقًا بكلّ ذرّةٍ من تراب أرضه قَبل أن يشتغل بها ويفلحها لكيّ يُمتّعَ ناظريه بها ويستعيدَ ذكرياتِ طفولته وشبابه بها، وبالتّأكيد حتّى يضمن سلامتها. عمل جدّي في تلك القطعة من تراب البلاد إلى أن توفّي. كلّما أتذكّر جدّي فوزي، اتذكّر محاولاته العديدة بالعودة إلى بيته المُطلّ على بحر حيفا وإلى أرضه الزّراعيّة القريبة من سواحل البحر المتوسّط وكذلك أتذكّر فِكرِه المُقاوم لحقيقة أنّهُ- مُهجّر -من وطنه.