بلودان مرعي
أبي، نايف
في العاشر من حزيران ١٩٦٧ أعلن سقوط الجولان تحت الاحتلال الاسرائيلي وتم تنصيب خط وقف اطلاق النار وزراعة حقول من الألغام على جانبي الشريط.
والدي، ابن الخمس سنوات، شهد هذه الحرب ولا زالت آثارها عالقة في ذاكرته وجسده.
أجبر والدي في عمر الثامنة على ترك المدرسة للمساعدة في اعالة العائلة الكبيرة، حيث اوكل اليه جدي رعاية القطيع. الحدث الذي تركه أميا لا يعرف القراءة والكتابة.
عندما بلغ والدي عمر الرابعة عشرة كانت الحادثة الاصعب، حين داس تيس الماعز على لغم ارضي مزقه امام اعين الاطفال، ابي وعمي، وتركهم جرحى فقدوا اعضاء من اجسادهم، أبي فقد اصبع يده اليمنى، انقطع شريان في عنقه وشريان في رجله وفقد بصره لمدة عام كامل بسبب الشظايا والإشعاع جراء انفجار اللغم، بينما عمي ابن العاشرة تمزقت احشائه وما زال يعاني من ذلك حتى اليوم.
اليوم ورغم ما تعرض له من معاناة يدير أبي بقالة بجانب المدارس، يتعامل النهار بطوله مع الأطفال، ويهتم ان لا يمس طفولتهم جوع او الم.
اقدم هذا المشروع كتحية لوالدي الذي حرم من طفولته بأقسى الطرق، حرم من التعليم، وحرم من ممارسة حياة طبيعية جراء تجربة ما بعد الصدمة.
وابي هو الأمي الذي يحرص ألا يجوع طلاب المدارس، القاسي المرهف، العنيد الذي لا يعوزه اللين، المصاب الذي لا يعرف العجز، المنفتح الآتي من بؤرة التقليد، حارس احلامنا، اخواتي وانا، والداعم لنا في تحقيق ذواتنا.
ابي
تجسيد انت للزمان وللمكان، طفل المراعي وحقول الألغام، ابن الحدود الممزق المتماسك والمقاوم المليء بالامل.