نوال ادكيدك
مشروعي لا يروي حكايتي وحدي
مشروعي لا يروي حكايتي وحدي،
بل هو صدى لكل بيت اعتاد اللقاء ثم نسي كيف يكون،
صدى لعادات خفت صوتها وفقدت دفء طقوسها،
في زمن يدفعنا فيه الركض نحو الحياة ويجعل الإصغاء فعلًا نادرًا.
ما صنعته قد يبدو بسيطًا في أدواته،
صامدًا كالخشب والحجر والمعادن،
لكنه مثقل بما لا يُقال.
بما نحاول أن نلمسه دون أن نُفصح.
هو محاولة لإحياء طقس عائلي كاد أن يُمحى،
طقس يعيدنا إلى أنفسنا حين يهزّنا العالم.
استلهمت الفكرة من قطعة مائدة توضع على الطاولة لتحميها بصمت؛ لا نلحظه،
تمامًا كمشاعرنا العميقة، حاضرة لكنها خفية.
ومن هذا الصمت صنعت ستّ جواهرات من نحاس مطلي بالذهب،
متناقلة الشكل متنوعة التشكيل،
لكل فرد من العائلة قطعة تخصه،
حاضنة روح سرديتها.
وفي قلب الطاولة تتوسط قطعة فنية من خشب البلوط والرخام الطبيعي،
تحمل فراغات محفورة لا تكتمل إلا عند اجتماع العائلة،
وعند وضع الجواهرات في أماكنها،
تتكشف صورة واحدة متكاملة،
لحظة بصرية وملموسة تجسد تواصلًا عائليًا صامتًا، لكنه نابض بالحياة.
طاولة الطعام هنا ليست مجرد أثاث،
بل ذاكرة حية تحفظ حكاياتنا الصغيرة،
مكان نعود إليه لنغفر على ما ظننّا أنه تلاشى؛
حيث يصبح الإصغاء فعل حب،
وتغدو المشاركة مقاومة ضدّ النسيان الذي نعرفه جميعًا.
مشروعي ليس دعوة عابرة،
بل تذكير:
لا تهجروا مقاعدكم،
ولا تنسوا أنّ الدفء يسكن أبسط لحظاتكم،
في لقاء صادق حول مائدة،
قد نجد ما يحنّنا عليه طويلًا، وهو بعضنا.
فنعود… إلينا.
تصوير : جيوفاني فقوسة